التعصب الدینی :التباس الجهاد والتکفیر | ||
التعصب الدینی المعاصر ظاهرة لیست جدیدة . معظم المجتمعات البشریة شهدت ظواهر مماثلة عبر التاریخ . والتعصب عموما" هو حالة من التمرکز الشدید،أو من الانجذاب المفرط نحو الذات الجمعیة السیاسیة او القبلیة او العرقیة أو المناطقیة ،او الدینیة.وفی جاهلیة العرب على سبیل المثال کانت العصبیة ان" تنصر أخاک (من القبیلة نفسها) ظالما" او مظلوما""... التعصب الدینی هو الاشد والأکثر خطورة من بین کل العصبیات التی عرفها التاریخ.لأنه یسبغ على ما تقوم به الجماعة وحتى على ما یقوم به کل فرد ینتمی الیها شرعیة دینیة ترمی من یخالفها بالتکفیر الذی یتیح القتل ویجعله فی الوقت نفسه فعلا" مقدسا" یستحق من یقوم به الرفعة الدنیویة والاخرویة... والخوارج فی التاریخ الاسلامی کانوا ابرز نموذج على هذا الفکر التعصبی التکفیری فی فهم النص بلا معرفة .علما" بأنهم کانوا کما تذکر النصوص التاریخیة من أکثرالناس حفظا" للقرآن وتمسکا" بتطبیق ما جاء فیه ،ولکن بحسب فهمهم الخاص والضیق للنص. وعندما ارتکبوا جریمة اغتیال الخلیفة الرابع الامام علی علیه السلام اعتبروا ذلک تطبیقا" لشرع الله.لأن "الحکم هو لله" ولیس للبشر.وهذا فهم قاصر وتأویل محدود وخاطئ للنص.. لکن مشکلة هذا التأویل انه عندما انتقل الى الفعل تحول الى جریمة بحق شخصیة اسلامیة عظیمة وبحق المجتمع الاسلامی فی ذلک الوقت. والأسوأ من ذلک ایضا" ان هذا الفعل أسس لنهج تبریر القتل والاغتیال فی التعامل مع الاختلاف على قاعدة تفسیر النص. یجعل المتعصب الدینی نفسه فوق المجتمع .فعلاقته هی مع النص المقدس مباشرة ."وهو لا یحتاج الى المعرفة لکی یفوز بالخلاص، وکلام الله ینتقل الیه من دون توسط ای معرفة..."(1) ومن هذا النص یستمد المتعصب الدینی ما یفعله، وعلى المجتمع والناس ان یتکیفوا مع فهمه هو للنص.واذا لم یفعلوا ذلک او لم یتمکنوا منه تحولوا الى هدف للتکفیر،أو للقتل ...والایمان بلا ثقافة هو وجه لما یسمى التعصب"(2).. والتعصب هو نتاج انتقائیة نصّیة. فیأخذ المتعصب ما یرید من النص،من دون ان یلحظ البعد الکلی والشمولی للدین (الاسلام)"وهنا تنبغی الاشارة الى ما تلعبه العزلة الذهنیة والمفاهیمیة عن المنظومة الاسلامیة ککل من دور سلبی فی حصول الفجوة على مسار الفهم والتطبیق والمعالجة..."(3) والتعصب الدینی یذهب خلافا" للمنطق الذی یقول ان الدین فی خدمة الانسان او ان الاجتهاد یهدف الى البحث عن الحکم والفتوى لکی یتعامل مع متغیرات الواقع.. التعصب الدینی یشطب کل الاحتمالات، ولا یتمسک الا باحتمال واحد فقط هو الایمان کما یریده هو، وکما یراه هو، بلا ای معرفة وبلا ای ثقافة...أما ما عداه فکله کفر یستدعی المحاربة للقتل او الاخضاع..وبسبب هذا التعصب ومن اجله وحده خیضت الحروب عشرات السنین فی الغرب.ومن اجله ایضا" یقتل الناس ویتقاتل المتعصبون فی ما بینهم الیوم فی بلداننا العربیة والاسلامیة.وعندما یصبح الایمان هو المعیار الاول والوحید للتعامل مع الناس وفی ما بین الافراد،وشرطا" للحیاة المشترکة، فهذا یعنی دعوة الى الغاء کل التباینات وکل الفروقات الثقافیة والاجتماعیة وکل هوامش الاختلاف...ای الحکم على المجتمعات بعدم الاستقرار. لأنه اذا کان معیار قبول الآخر هو التأکد من ایمانه، فإن هذا لن یجعله وحده فقط فی موضع الشبهة والریبة بل سیحول العلاقات المجتمعیة کلها الى علاقات شبهة وریبة، ولا یمکن احتمالها.. العقیدة بالنسبة الى المتعصب مهددة من المنتسبین الیها ، أومن قوى اخرى خارجیة او داخلیة تستهدف النیل من هذه العقیدة ومن اصحابها.(لنلاحظ على سبیل المثال اسماء بعض الحرکات الاصولیة الاسلامیة التی ظهرت فی تسعینیات القرن الماضی فی مصر :"الناجون من النار" ،"التکفیر والهجرة"...) والمتعصب بهذا المعنى یخاف من العالم الخارجی الذی لا یستطیع مواجهته أو یعجز عن تغییره الا بأن یقتل نفسه...(4) إن الترتیب "الفقهی" للتعصب الدینی یجعل مواجهة الآخر المخلتف اولویة تتقدم ما عداها من اولویات سیاسیة اواجتماعیة او اخلاقیة،مهما حصل من تغیرات فی المجتمع ومهما واجه المجتمع من تحدیات. ومن هذا المنظار التعصبی تصبح کل الاولویات الاخرى الاجتماعیة والاقتصادیة والتنمویة والثقافیة غیر مهمة.. ای ان مواجهة الفقر لیست اولویة. ولا وضع برامج لمحو الامیة هی اولویة،ولا التصدی للنفوذ الخارجی ، أو وضع الخطط والبرامج من اجل التنمیة الشاملة فی المجتمع،او بذل الجهود لتوحید الأمة ومواجهة مشاریع التقسیم...أوغیر ذلک من اولویات ملحة فی معظم المجتمعات والدول العربیة والاسلامیة... والتعصب الدینی (التکفیر) لا یعترف بکل تلک الاولویات. یرید ان تبقى الأمور على حالها لأنه یرى الدنیا بمنظار آخر.وهذه الطریقة فی النظر الى الامور والتصرف على اساسها ،لا بل وقتال الناس فی المجتمع وفقا" لها،سوف یجعل الشعوب الاسلامیة مشغولة بقتال بعضها تحت عنوان التکفیر ومحاربة البدع...وهذا کما هو معلوم لا یمکن لأحد ان یضع له برنامجا" زمنیا" محددا" یفترض بعده الانتقال الى مجتمع "النقاء العقائدی" الذی لن یکون بمقدور احد من البشر ان یدعی القدرة على تحقیقه... بل یمکن ان تخوض الأمة عشرات ان لم یکن مئات السنین من الحروب الداخلیة الممیتة والمدمرة من أجل "محاربة البدع".کما ان تأسیس امارة اسلامیة،على رقعة ضیقة من بلاد شاسعة (على الرغم من ارداة اهلها) لا ولن یغیر شیئا" فی واقع المسلمین، خصوصا" عندما یفرض على اهلها الاوامر والنواهی"أمیر" اختارته مجموعة من الافراد لا یمت بصلة الى مفهوم الخلافة أوالى مفهوم الامارة ،أو الى مفهوم الدولة الاسلامیة.. هذا النوع من التفکیر،ومن الممارسات لا یمکن ان تکتب له الحیاة.وهو مخالف لطبیعة المجتمعات التی عاشت دوما"على التنوع .ولا یمکن لأی مجموعة دینیة او عرقیة أو مذهبیة ان ترضخ لمن یرید القضاء علیها.وشواهد التاریخ على ذلک کثیرة. کما ان التکفیر و التشدد نفسه لم یسلم من الانشقاق او من الاقتتال فی ما بین اتجاهاته المختلفة .وهذا أمر طبیعی لأن منطق التکفیر ومنطق التعصب هو منطق اقصائی ،لا یستثنی احدا"،ولا یمکن ان یتوقف عند حد . لقد افترقت الاتجاهات التکفیریة المعاصرة أکثر من فرقة او مذهب. بعضها اکتفى برفض الآخر والابتعاد عنه واعتزال "المجتمع الجاهلی"(الکافر). وقد تأثر هؤلاء بمنهج بعض المفکرین او بعض الشخصیات الاسلامیة فاعتبروهم قدوة فکریة لهم ویسیرون على نهجهم الصالح على الرغم من تغیر الزمان والمکان. ومن الاتجاهات التکفیریة من تجاوز تلک العزلة عن المجتمع التی اعتبرها عزلة سلبیة الى الدعوة الى تغیر هذا الکفر والضلال بالید.ولذلک نلاحظ ان الدعوة السلفیة على سبیل المثال تعمل وفق مبدأین متلازمین هما "نشر العقیدة ومحاربة البدع".وتعمل معظم الاتجاهات السلفیة وفق هذین المبدأین. أما الاتجاه التکفیری فلا تقتصر محاربة البدع بالنسبة الیه على "المجادلة بالتی هی أحسن"ولا على"الموعظة الحسنة"،أو غیر ذلک مما یرد فی القرآن الکریم من اسالیب لحض الناس والمؤمنین على التحلی بالصبر وقبول الاختلاف،اذا ارادوا الدعوة الى الله...بل یعمد هذا الاتجاه الى "محاربة البدع"،بالید (بالسیف،وقطع الرؤوس). أی بالمواجهة المسلحة وبقتل من یخالفونهم باعتبارهم "اهل بدع"...فی حین لم یرفع هؤلاء السلاح یوما" فی وجه ای "یهودی" مخالف لعقیدتهم او اسرائیلی محتل ،وحتى أنهم لم یعلنوا لاستعداد لمثل هذه المواجهة مع هذا المحتل ... تعصب دینی وتساهل سیاسی: أدخلت الثورات العربیة اصحاب التشدد الدینی الیوم فی حرج فقهی غیر مسبوق .فقبل "الثورة" کان السلفیون (المتشددون فی فهم النص وفی تطبیقه) یعتمدون على سبیل المثال "فقه الطاعة". أی طاعة الحاکم وعدم جواز الخروج علیه.(فی تناقض غریب بین تشدد فی التعامل مع المجتمع وافراده وتساهل فی التعامل مع الحاکم وسیاساته...) ولهذا التبریرالفقهی للطاعة اسبابه التاریخیة التی أضفت على الحکم مشروعیة وشرعیة لا یجوز الخروج علیها مهما کان هذا الحاکم.لکن هذا الاتجاه السلفی نفسه انتقل فی مصر،"من طاعة الحکم" طوال سنوات طویلة،لم یکن له فیها شأن بأی أمر من الامور السیاسیة..ولا بأی اعتراض على سیاسات الرئیس المصری حسنی مبارک... الى الالتحاق بالثورة لاسقاط النظام ورحیل الرئیس من دون ای مسوغات فقهیة واضحة ،ومن دون ان یثبت هؤلاء ان "فقه طاعة السلطة" لم یعد صالحا" او انه لم یکن کذلک أصلا"...أو أنه کان خطأ"..أو ان الظروف تفترض تغییرا" فی قراءة المبررات أو غیر ذلک.. ومن مدرسة التشدد الدینی نفسها ثمة اتجاه آخر بقی على وفائه لفقه السلطة وطاعة الحاکم کما فی نموذج المملکة السعودیة...التی قال بعض العلماء فیها بتحریم اصل التظاهر. فأعلن مفتی عام المملکة موقفا" رافضا" للاحتجاجات واعتبرها "خطط مدبرة" وطرق للغوایة والضلال وتدمیر الشعوب.." وفی الیمن اعتبر محمد الامام أحد مشایخ السلفیة "المظاهرات وسیلة من وسائل الدیمقراطیة یرفضها الشرع بوصفها جزءا" من قوانین الغرب ...ولا یجوز لمن یؤمن بالله والیوم الآخر أن یفتی بجواز المظاهرات سواء کانت سلمیة ام تخریبیة.فهی أشد وأضر. ولا یجوز لمن یؤمن بالله والیوم الآخر ان یشارک فیها لا تخطیطا" ولا تنفیذا" ولا حضورا"ولا دفاعا"... مع توصیتنا للمسلمین بالصبر على جور حکامهم لأن ظلمهم لنا عقوبة علینا بسبب ظلم بعضنا بعضا"". هذ الاتجاه السلفی نفسه هو الذی اصدر الفتاوى بضرورة القتال والجهاد ضد النظام فی سوریا. وقد ساهمت تلک الفتاوى فی اتساع بیئة التعصب الدینی ،وفی حمایتها عبر مشروعیة فقهیة تجیز الجهاد فی سوریا او فی العراق عبر جذب عشرات الآف الشباب من بلدان عربیة واسلامیة واجنبیة للقتال فی هذین البلدین تحت عنوان الجهاد ضد الحکم الکافر ولیس الحکم الظالم..على ان یفضی ذلک الجهاد الى تأسیس الامارة أو الخلافة الاسلامیة... وشهدت مصر، بعد الثورة، نموذجا صارخا" على دعوات التعصب والتشدد الدینی التی تکفر الشیعة،وتستبعد الاقباط من المساواة فی المواطنیة المصریة،وتعتبر کل من یخرج اعتراضا" على الرئیس مرسی بأنه کافر..وهذه الدعوات هی نموذج لهذا الاتجاه السلفی التکفیری المتشدد فی التعامل مع افراد المجتمع الآخرین والمتساهل فی القضایا السیاسیة الکبرى والمصیریة والذی لم یرفع صوتا" ضد الرئیس السابق حسنی مبارک.(5) ولم یعترض یوما" على النفوذ الامیرکی فی مصر ولا على المعاهدات الموقعة مع اسرائیل.وهذا الاتجاه نفسه فی تونس لم ینتقد یوما" ما فعله الرئیس زین العابدین بن علی. یجیب أحد قادة حزب النور،احد ابرز الاحزاب السلفیة فی مصر،عن سؤال حول مواقفه من اسرائیل ومن اتفاقیات کامب دیفید قائلا": إن حزب "النور" یرى أنه لا یصح الإقدام على ما فیه مضرة لمصر وأبنائها، ویرى خطورة أن تنقض الدولة اتفاقیة دولیة من جانب واحد - وإن کانت قد أبرمت فی ظل نظام دیکتاتوری - فقد أعلن الحزب أنه سوف یحترم هذه الاتفاقیة مع السعی الدائم لتعدیل بنودها الجائرة بکافة السبل المشروعة."... من اللافت ان قسما" کبیرا" من الاتجاهات السلفیة التی تقود الیوم اتجاه التکفیر فی البلدان العربیة، کانت قبل الثورات،بعیدة عن العمل السیاسی (خصوصا" فی مصر،وتونس) وترفض تکفیر الحاکم او الخروج علیه. وتعتبر ذلک الخروج مناف للشرع وللدین وجلب للمفسدة أکثر مما هو تحقیق للمصلحة... لقد شکل هذا الاتجاه السلفی التکفیری "الجهادی" نموذجا" جذابا" للشباب الاسلامی بعد الاحتلال الامیرکی لافغانستان والعراق،وبعد التهمة التی وجهت الى تنظیم القاعدة بتفجیرات 11/سبتمبر 2001 .وبعدما جعلت السیاسات الأمیرکیة -الغربیة هذا التنظیم العدو الأخطر على أمنها وأمن العالم... لقد دمج هذا الاتجاه بین الجهاد وبین سلفیته التکفیریه.لذا اعتقد من التحق به من الشباب ان الأمرین متلازمین.بحیث تحول معظم "الجهادیین" فی افغانستان ثم فی العراق الى تکفیریین فی الوقت نفسه .یقومون بعملیات قتل وتفجیر بین الناس لأهداف مذهبیة ودینیة تحت رایة الجهاد والتقرب الى الله والى رسوله!!! وقد شکلت الانجازات التی حققها هذا التنظیم خصوصا" فی افغانستان بعد طرد القوات السوفیاتیة،وما اعقبها من عملیات ضد بعض المؤسسات الغربیة والامیرکیة حافزا" مهما" للکثیرین للانتقام من السیاسات الامیرکیة من جهة ،ولتقدیر ما یقوم به هذا التنظیم من جهة ثانیة.بحیث بات من المستحیل الفصل بین هذه الانجازات وبین الاتجاه التکفیری لکثیرین ممن التحقوا بفکر القاعدة وما تفرع عنها من جبهات ومجموعات تقاتل فی اکثر من مکان بدوافع مذهبیة وتکفیریة... تراجعت جاذبیة هذا الاتجاه "الجهادی التکفیری" قبل الثورات العربیة ،وحتى قبل اغتیال بن لادن، وقد تم تصفیة معظم قیادات القاعدة أو تم اعتقالهم بعدما انخرطوا فی عملیات داخل بلدان عربیة عدة،وتعرضوا لاختراقات من اجهزة استخباریة مختلفة،ولضربات قویة فی العراق... ففقدوا بریق الدعوة الى قتال "الصلیبین والکفار والیهود"...أما بعد "الثورات العربیة فستدفع دول اقلیمیة عدة بانصار هذا الاتجاه السلفی التکفیری الى ان تلعب مجددا" دورا" عسکریا" کبیرا" فی العراق ثم فی سوریا،لمحاربة النظام هنا وهناک تحت لواء "الجهاد" وتأسیس الامارة الاسلامیة... لا یمکن ان ننسى ان التعلیم الدینی هو اهم مصدر من مصادر التعصب. کانت مؤسسات التعلیم الدینی الکبرى فی العالم الاسلامی مثل الازهر والزیتونة والقیروان مراکز لبث المعرفة الدینیة و لثقافة التعرف على المذاهب الاخرى، حتى ان الازهر نفسه فی مصر کان خلف مشروع التقریب بین المذاهب، واصدر مجلة حملت الاسم نفسه شارک فیها وفی مشروع الدعوة الى التقریب علماء من السنة ومن الشیعة وبات المذهب الامامی الجعفری من المذاهب التی تدرس فی الازهر الشریف فی مصر..لکن المشکلة ان ذلک کله قد تبدل. فتراجع دور الازهر. واخترق السلفیون مؤسساته وجامعته ومناهج التدریس فیه. وهذه العملیة حصلت بشکل متدرج فی العقود الخمسة الماضیة بعدما انتقل الکثیرون من مصر الى المملکة السعودیة للعمل وللتدریس هناک وتأثروا بالسلفیة الوهابیة التکفیریة التی حملوها معهم الى الجامع الازهر...(6) ثمة مصادر اخرى تغذی هذا التعلیم وتتکامل معه. من المسجد الى البیت الى الفضائیات التی لا تکف عن بث "الفتاوى" طوال اللیل والنهار. ثمة مشکلة معقدة هنا لایمکن التقلیل من اهمیتها ومن صعوبتها. إذ کیف یمکن السیطرة على کل هذه المصادر للحد من التعصب؟ خصوصا" وأن التعصب الدینی لم یعد یقتصر على أفکار او على نظریات او على فتاوى قیلت او صدرت قبل مئات السنین .ولم نعد امام سلفیة دعویة سلمیة ترید اسلمة المجتمع من القاعدة حتى لو احتاج الامر عشرات السنین. بل اصبحنا امام سلفیة متعصبة وتکفیریة ترید اسلمة المجتمع وتأسیس الامارة الاسلامیة بحد السیف...بحیث أخذت هذه السلفیة "الجهاد" نحو الداخل الاسلامی بذریعة التکفیر بدل ان یکون الجهاد فعلا" لحمایة الامة من الاخطار الخارجیة التی تهددها فی عالم السیطرة الامیرکیة على بلاد المسلمین وفی عالم الاحتلال الصهیونی لفلسطین...
هوامش: (1) أولیفییه روا، "الجهل المقدس"، زمن دین بلا ثقافة،دار الساقی،بیروت،2012 ص 229 - (2) المرجع نفسه روا 66 - (3) محمد مصطفوی "حوار فی دائرة النقد " مجلة الحیاة الطیبة،بیروت العدد 9،ربیع 2002 ص38) - (4)isabelle Taubes:”fanatisme:la foi qui tue” in revue de psychologie,Paris ,Decembre 2001 - (5) السلفیة السیاسیة فی مصر،خلیل العنانی،منشورات مبادرة الاصلاح العربی،ایلول/ سبتمبر 2014 - (6) حسام تمام ،الاخوان المسلمون،سنوات قبل الثورة،دار الشروق،القاهرة 2011 ... | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,713 |
||