المدیر العام لمؤسسة الفکر الاسلامی فی ایران : داعش صناعة أمیرکیة بإمتیاز | ||
داعش ظاهرة ابتلیت بها البشریة جمعاء ، فهی لیست قضیة بلد معین أو منطقة خاصة ، و إنما خطر یهدد الاسانیة بأسرها ، و لهذا فإن من واجب کل فرد أیاً کان منصبه أو مسؤولیته ، المبادرة للتصدی لهذه الظاهرة المعادیة للانسانیة .. و فی محاولة لتسلیط الضوء على أبعاد ظاهرة الارهاب التکفیری الممثلة فی تنظیم داعش ، إلتقینا الاستاذ احمد نثاری المدیر العام لمؤسسة الفکر الاسلامی فکان هذا الحوار : # الارهاب التکفیری ظاهرة تهدد العالم بأسره . فأین برأیکم تکمن الاصول النظریة لهذا الفکر المتطرف ؟ - تکفیرالآخرین یکون بدایة ذات دوافع سیاسیة و سلطویة ، و هو لیس بالظاهرة الجدیدة ، فقد کان موجوداً منذ صدر الاسلام . فقد رأینا کیف ان شریح القاضی ، قاضی القضاة المعروف فی صدر الاسلام ، کفر الامام الحسین (ع) بدوافع سیاسیة و سلطویة مغرضة . کما قام الخوارج بتکفیر العدید من الصحابة . و هکذا و بمرور الوقت أخذت تظهر هذه القضایا فی المراحل التالیة فی اطار الفرق الکلامیة و الفلسفیة ، نظیر النزاعات التی اتسمت بعضها بالعنف بین الاشاعرة و المعتزلة ، و فتوى الغزالی حول الفاطمیین فی مصر إذ کفرهم جمیعاً و أباح دمائهم . الیوم ایضاً فأن معظم النزاعات الدینیة و التیارات التکفیریة الماثلة فی المجتمع ذات صبغة سیاسیة . و لهدا فلیس خافیاً على أحد أن ثمة أیادی تقف وراء التیارات التکفیریة و تفجیر النزاعات الدینیة المعاصرة ، یقف فی طلیعتها الاستکبار العالمی و أجهزة الاستخبارات الاسرائییلیة . ومن الواضح أن ثمة عاملین رئیسیین یقفان وراء بروز ظاهرة التکفیر و العنف الدینی منذ الیوم الاول و لحد الآن . یتمثل العامل الاول فی اللاملائمات و السلوکیات الثقافیة المسیئة ، و انتشار الفهم الخاطىء عن الدین فی المجتمع . أما العامل الثانی فهو یکمن فی دسائس و مؤامرات اصحاب النفوذ و السلطة فی اوساط ادعیاء الدین و خارجه ، الذین یحاولون إثارة التفرقة و اللجوء الى حربة التکفیر أملاً فی تحقیق اهدافهم و مآربهم المشؤومة . # یحاول البعض أن ینسب جذور ظاهرة التکفیر الى إبن تیمیة ، و یرى آخرون أن بنی أمیة وراء ابتکارها و رواجها . فما هو تعلیقکم على ذلک ؟ - أن آراء إبن تیمیة لم تکن بهذه الصورة التی نراها الیوم ، و على الرغم من أن الوهابیة کانت تعتبر إبن تیمیة مرجعها الفکری و کبیر منظریها العقائدیین ، إلا ان الحقیقة غیر ذلک .لأن افکار إبن تیمیة کانت قد شاعت و انتشرت على ایدی تلامذته ، بل و على ایدی اتباعه الذین جاءوا بعد قرون من بعده ، حتى أن اتباعه انقسموا الى جماعات و فئات عدیدة . و أن احدى هذه الفئات ابتعدت کثیراً عن مبادىء و افکار إبن تیمیة . و علیه فان جذور التیارات التکفیریة لا تکمن فی فکر إبن تیمیة أصلاً . # اساساٌ ما الذی یریده التکفیریون ، و کیف یفکرون ؟ - یؤمن التکفیریون بأن ما یفهمونه من الاسلام هو الاسلام الحقیقی ، و ما یراه الآخرون لا یمت للاسلام بصلة ، و لهذا لابد من محاربتهم و التصدی لهم . لیس لان اسلامهم غیر صحیح فحسب ، و إنما هو الکفر بعینه یتستر بلباس الاسلام . و علیه فأن العنف و الارهاب یعتبر أمراً اعتیادیاً فی الفکر التکفیری . # نحن نعتقد بأن الاسلام دین الرأفة و الرحمة ، فیما یرى التکفیریون أن الاسلام الحقیقی هو ما عندهم . فهل ثمة إنسجام بین المقولتین ، و أین تکمن الحقیقة ؟ - أن الکثیر من اللاملائمات و التصرفات المسیئة لا علاقة لها بالدین . و أن الدافع الذی یقف وراء کل هذا العنف و الارهاب و التصرفات المسیئة ، یکمن فی اهداف و نوایا عدد ممن یزعمون التمسک بالدین ، و لیس فی اصل الدین . ان ما یثار الیوم باسم الاسلام لیس سسوى مزاعم بعض من ینتسبون الیه ، و لا یمثل ما یریده الاسلام دون شک . مثلما أن العنف و بعض تصرفات الکنیسة فی القرون الوسطى لا علاقة لها بالدین المسیحی . # ألا یتعارض الفکر التکفیری مع المبادىء الاسلامیة ؟ - لو تأملنا فی سیرة أهل البیت (ع) و الصحابة المقربین من الرسول الاکرم (ص) و معظم کبار أهل السنة و قاطبة علماء الشیعة ، فأننا لا نجد أی أثر للعنف و التکفیر . و یذعن الشیعة و السنة بأن سیرة امیر المؤمنین (ع) تعتبر قدوة و إنموذجاً متکاملاً حتى بالنسبة للسنوات الاربع و نیف من تسلمه للحکم . فعندما کان الامام علی (ع) یخطب من على المنبر ، کانوا یأتون و یتهکمون علیه و یشککون فی إمامته ، إلا أنه لم یحاول ردعهم أو تعنیفهم و لا لمرة واحدة . بل أن مدرسة أهل البیت (علیهم السلام ) إنما هی استمرار لمدرسة الوحی ، و مدرسة الوحی تضطلع بدور الهدایة و الارشاد و ترویج الدین فی المجتمع . و أن القرآن الکریم لن یفرض أمراً على المجتمع بالقوة مطلقاً . # یعتقد البعض أن التکفیریین و القاعدة أصحاب فکر تنویری منفتج . ما مدى حقیقة ذلک ؟ - أن مثل هذا الارهاب و التطرف لا نجده فی المجتمعات التی یحتل فیها المثقفون دوراً بارزاً فیها . ان المثقفین یؤمنون على الدوام بمبدأ المداراة و التعددیة و محاولة استقطاب الغالبیة العظمى ، و یرفضون التکفیر و استخدام العنف ضد الآخرین . # کیف تنظرون الى تداعیات ظاهرة التکفیریین على تضامن و وحدة الامة الاسلامیة ؟ - القرآن الکریم یحذر المسلمین على الدوام من خطرین حقیقیین ، و فی الحقیقة أن هذیین الخطرین یعتبران مکملین لبعضهما و ینظر الیهما بمثابة خطین متوازیین . احدهما یتمثل فی التهدید الذی یکمن فی الکفار و اعداء الاسلام . و الخطر الآخر یکمن فی تفرقة المسلمین و تشتتهم . و لهذا فأن الوحدة و التعایش کانا على مرّ العصور مدعاة للاستقرار و النمو الثقافی و الرخاء المعیشی . أما التفرقة و التباعد و الحرکات التکفیریة فلن ینتج عنها سوى العنف و الارهاب و الحروب . # کیف تقیمون دور النظام السلطوی فی ظهور داعش ، و ماهی الدوافع التی تقف وراء التحالف الدولی ضد داعش ؟ - أن الاستکبار العالمی کان قد عمل فی مرحلة ما على تأسیس تنظیم القاعدة بدعم من السعودی ، لتحقیق اهداف معینة . و بعد ذلک لم یعد قادراً على التحکم بـ ( القاعدة) و خرجت عن سیطرته ، بل ورأى فی القاعدة باتت تشکل تهدیداً لمصالحه ، فقرر أن یخوض الحرب ضدها للقضاء علیها . و أن تنظیم داعش واجه المصیر نفسه . و مما لا شک فیه أن امیرکا هی التی عملت على ایجاد داعش ، و أن الاستراتیجیة الامیرکیة الجدیدة اقتضت الیوم أن تشن الحرب ضد هذا التنظیم . # لقد انطلقت داعش من سوریا ، و توجهت الى العراق بدعم و مساندة العدید من الدول . کیف تنظرون الى دور هذه الدول ؟ - أن بعض الدول و من أجل تحقیق اهدافها ، من الممکن أن تتحالف مع عدوها فی مرحلة ما . و لهذا فأن العدید من الدول ، و على الرغم من أنها ساهمت بشکل مباشر فی تأسیس داعش ، إلا أنها أخذت تتطلع الى أهداف أخرى فی الوقت الحاضر ، و لهذا حاولت الاصطفاف الى جانب محاربة داعش . # هل ترى ثمة امکانیة بظهور نظیر داعش فی ایران ؟ - أن ایران بلد یتمتع بثقافة غنیة راقیة . و أن الحضارة الایرانیة تقف فی طلیعة الحضارات على مر التاریخ ، و لیس هناک أدنى سنخیة بین الحضارة الایرانیة – الاسلامیة و بین ما تقوم به داعش من ممارسات و سلوکیات . إلا أن ذلک لا ینفی بالمطلق امکانیة ظهور امثال داعش فی ایران . # ما هی برأیکم الآلیة الکفیلة بالتصدی لأمثال هذه التیارات المتطرفة ؟ - لابد من الاستفادة من کافة الامکانیات المتاحة ، سواء على صعید التربیة و التعلیم و توعیة الشباب و الناشئة ، و تکثیف الانشطة الثقافیة و الاعلامیة ، و تعزیز دور النخبة و أرباب الفکر و الثقافة فی مختلف مناحی المجتمع . لابد من الترکیز على الدور الذی بوسع النخب الثقافیة و العلمیة و المفکرین و العلماء المخلصین الاضطلاع به ، و الارتقاء بمستوى الوعی الدینی و الثقافی و الاجتماعی . إذ ان بوسع کل هؤلاء أن یضطلعوا بدور فاعل و مؤثر فی التصدی للتطرف و تحکیم التوجه المنطقی و العقلانی فی المجتمع ، و بالتالی الحد من الافراط و التفریط فی التعاطی مع الاحداث و القضایا . أجرى الحوار : خداداد خادم
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,634 |
||