تقنیات التواصل الحدیثة فی خدمة التکفیر | ||
یقدم التنظیم التکفیری (داعش) صورة غریبة ومتناقضة عن نفسه.فهو یقتل الاسرى ویذبح المخالفین له ویسبی النساء من جهة..وهذا ذروة التأکید على تمسک داعش بممارسات وحشیة لا أنسانیة تعود الى عصور الهمجیة والبربریة ...ویستخدم داعش من جهة ثانیة أحدث تقنیات التواصل الغربیة مثل الفایسبوک والتوتیر والمواقع الاخرى للترویج لنفسه وحتى لاستعراض هذه الممارسات الوحشیة.... لقد أثیر النقاش فی مختلف الدوائر البحثیة الاعلامیة والاجتماعیة والسیاسیة حول تمدد ظاهرة التکفیر وترکیزها على العنف المفرط ، وحول قدرة هذه الظاهرة على التأثیر والجذب،وعلى استخدام تقنیات التواصل الاجتماعی الحدیثة فی الترویج المباشر لصورة القدرة والقوة،وتعمد تنظیمات التکفیر نشرها وارسالها الى المتلقی لیزداد المؤید لها ثقة بها ویزداد المعارض خوفا" ورهبة... تناول الباحثون هذه الظاهرة من جوانب عدة سیاسیة واجتماعیة وفقهیة خصوصا" بعدما شکلت قلقا" أمنیا" واجتماعیا" لبلدان وشعوب وحکومات کثیرة.. وما الاعلان الأخیر فی سبتمبر 2014 عن تشکیل تحالف دولی –اقلیمی لمحاربة هذه الظاهرة (الدولة الاسلامیة فی العراق والشام-داعش) الا تعبیر عما وصلت الیه المخاوف من توسع هذه الظاهرة ،وما یمکن ان یترتب على وجودها من تغییر فی الوقائع الجغرافیة والسیاسیة بین دول المنطقة. من اللافت ان ظاهرة التعصب الدینی التی انزلقت نحو التکفیر والارهاب ، ذهبت فی غیر اتجاه الکثیر من التحلیلات التی ربطت بین الحداثة وتطور استخدام تقنیاتها وبین تراجع العلاقات التقلیدیة" وتفکک البنى الاجتماعیة فی المجتمعات العربیة والاسلامیة .حتى قیل ان مصادر المعرفة الالکترونیة واستخدام وسائط التواصل الحدیثة ستؤدی الى تجاوز الانتماءات المحلیة، والى تکوین ثقافة انسانیة لا تحدها قبیلة او عشیرة او دین او حتى جغرافیا..لکن ما حصل طوال السنوات الماضیة من تطور استخدام هذه الوسائط ومن الانخراط فی التحدیث فاقم التعصب الدینی ولم یضعفه...لا بل تحولت احدث الوسائل التکنولوجیه الى وسائط لنشر التعصب والدفاع عن العقیدة وتجنید المقاتلین "فی سبیل الله".هکذا تبین ان نظریات الربط بین الحداثة والتکنولوجیا وبین تراجع التدین او تراجع العصبیات لم تکن واقعیة ولم تکن صحیحة. ما یحتاج الى مراجعة لمثل هذه الاطروحات على المستویات الاعلامیة والاجتماعیة والدینیة معا"... لقد اتاحت ما یعرف بوسائط التواصل الاجتماعی الیوم وسهولة استخدامها ترویج التعصب والتحریض على القتال بأوسع اشکاله، من دون أی رقیب اوحسیب.فما یکتب عبر هذه الوسائط یمکن ان یستخدم فیه ابشع انواع التحریض. ویمکن من خلال هذه الکتابات ان یفرغ الانسان کل ما یعتمل فی داخله من حقد او من افکار غیر مقبولة اجتماعیا" مثل الرغبة فی القتل او فی تهشیم الآخر والتخلص منه...وهذه التقنیات الحدیثة باتت وسیلة فاعلة تجاوزت کل القیود والضوابط التی فرضت طوال عقود على حریة الرأی والتعبیر لدى الافراد أوالجماعات السیاسیة والاسلامیة المختلفة فی معظم الدول العربیة. ساهم صعود التیارات الاسلامیة فی العقود الثلاثة الماضیة فی الاهتمام بوسائط التواصل الالکترونی المختلفة، سواء من اجل نشر الدعوة،أولمواجهة الاطراف الدینیة الأخرى (الضالة) أو لتبیان الانشطة او العملیات التی یقوم بها "المجاهدون" والتی تتناقلها ایضا" مواقع الانترنت والیوتیوب. وکان للتحولات التی حصلت فی داخل التیارات الاسلامیة دور مهم فی توسع دور القنوات الفضائیة ووسائط التواصل الالکترونیة وفی تعزیز بیئة التحریض الدینی والمذهبی: - فقد باتت الحرکة السلفیة عموما" خصوصا" بعد "الثورات العربیة"، فاعلا" مؤثرا" فی العملیة السیاسیة فی مصر وتونس والیمن....وقد کان هذا الاتجاه بعیدا" طوال العقود الماضیة عن الاعلام وعن الشؤون السیاسیة. لکنه بات بعد "الثورات" اکثر اهتماما" بهذین الامرین معا": الاعلام والسیاسة.فلجأ السلفیون مثل سواهم من الاسلامیین الى الفضائیات للترویج لأفکارهم من جهة ،او للرد على الاتجاهات الاسلامیة السنیة الأخرى ،او للرد على الشیعة، وعلى الاتجاهات اللیبرالیة والعلماینة . - لم یعد الانتماء الى أی تیار اسلامی یقتصر على الفقراء أو على سکان الاریاف، ولم تعد سمة "التخلف"،أو "الجهل" أو "الأمیة" تنطبق على المسلمین کما کان الأمر فی السابق. لقد تغیر هذا الواقع کثیرا". فقد التحقت بالتیارات الاسلامیة اجیال جدیدة من المتعلمین ومن المثقفین ومن الخبراء والمهندسین فی الاختصاصات کافة ،وخصوصا" فی مجال الاتصالات. کما کانت الکامیرات الکبیرة باهظة الثمن ومتاحة فقط لاستودیوهات السینما والتلفزیون. وقد أصبحت الیوم رخیصة ومتاحة للناس العادیین الذین سیطروا بذلک على وسائل الإعلام. والآن فی عصر یوتیوب وتویتر والهواتف الذکیة، والکامیرات الرخیصة والبرامج الإلکترونیة، لم تعد القوى الکبرى تتحکم فی الصورة او فی المعلومات.(1) - اصبح الاسلامیون اکثر ادراکا" ووعیا" لأهمیة وسائل الاتصال والاعلام فی العصر الحدیث،سواء التواصل فی ما بینهم أو التواصل مع باقی العالم.کما اصبحوا اکثر اهتماما" بتقدیم صورتهم التی یریدونها عن أنفسهم. - استخدم الاسلامیون،خصوصا"فی افغانستان (تنظیم القاعدة) وسائل الاعلام والاشرطة المسجلة،لبث اخبار وخطب زعیم تنظیم القاعدة اسامة بن لادن،کما استخدموا المواقع الالکترونیة، لنشر اخبار عملیاتهم وووسائل التحریض والدعوة.ومع تطور هذه التقنیات من حیث السرعة وسهولة الاستخدام وأفق الانتشار الواسع، باتت التنظیمات الاسلامیة تعتمد علیها بشکل کبیر فی کل امکنة وجودها وفی کل مواقع القتال التی تنتقل الیها.فشاهدنا على سبیل المثال على الیوتیوب والمواقع المختلفة للتنظیمات الاسلامیة ارتال البدابات التی غنمها مقاتلو "داعش" فی الموصل فی العراق وفوقها رایات هذا التنظیم .وقد سبق وتکرر الامر نفسه فی بعض البلدات والمدن السوریة التی وقعت تحت سیطرته ایضا"...ما یعکس وعی هذا التنظیم بأهمیة هذه الوسائل فی عملیات التاثیر على الآخرین (مؤیدین ومعارضین).
وقد اشارت صحیفة الجاردیان فی رصدها لرحلة صعود تنظیم الدولة الإسلامیة فى العراق والشام "داعش"، کیفیة استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعى بعدما "کانت الحرکات الإرهابیة قد عمدت الى استخدام الإنترنت فى فترة ما بعد 11 سبتمبر من أجل نشر المعلومات وخلق الروایات الخاصة بها وتحریض المؤیدین...وترى الصحیفة ان "داعش": " استطاع تسخیر تلک المواقع (تویتر وفایسبوک...) أفضل من أى جماعة إرهابیة أخرى. وأنشأ التنظیم علامة تجاریة له ووظف الصور، وکانت تلک الإستراتجیة مسؤولة عن التأثیر على آلاف الرجال حول العالم للانضمام إلى داعش... وبحسب الغاردیان ثمة اجماع على قدرات "داعش" الاعلامیة الواسعة واستراتیجیته الدقیقة والمعقدة على مختلف المنصات،والتی ترافقت مع خطة اعلامیة متکاملة تترکز فی جزءکبیر منها على "السوشال میدیا" .ولا یقتصر الامر على داعش الذی یقوم بعمل متطورفی هذا المجال الالکترونی..فقد عمدت عام 2011 "حرکة الشباب" الصومالیة المتشددة الى تویتر وراحت تنشر اخبارها وافکارها الى صور من الخطوط الامامیة للمعارک معتمدة على اللغة الانکلیزیة لتوسیع رقعة انتشارها..وفی 2013 لجأت الحرکة نفسها الى نشر تغریدات حیة حول الهجوم الذی شنه حلفاؤها على احد مراکز التسوق فی نیروبی " (2) ویلاحظ المتابعون لهذه القضیة ان "داعش" تعتمد اسالیب متطورة فنیا" فی نشر الافلام والمقاطع والصور التی ترید ایصالها الى العالم من مؤیدین ومن خصوم واعداء لها."وقد أثبتت داعش خبرتها فی استعمال وسائل على غرار یوتیوب، تویتر، انستغرام، تمبلر، وغیرها من وسائل الاتصال الاجتماعیة...کما یقوم جنودها یومیا بتحمیل أشرطة فیدیو هاویة وصور یتمّ تحلیلها بإمعان على الصعید العالمی، سواء من قبل المستخدمین العادیین أو المنظمات الإخباریة الرئیسیة المتعطشة لصور عن صراع تبقى کامیراتها عاجزة عن الوصول إلیه. ومن الأمثلة على هذا الاستخدام المتطور للتقنیات الالکترونیة ، فیدیو تجنید یتألف من لقطات تم تحریرها من لعبة "سرقة السیارات الکبرى" الأمیرکیة. وورد فی الفیدیو المنشور على یوتیوب: "ما نفعله فی ساحات القتال هو مطابق للألعاب التی تنتجونها!!". أما نتاج "داعش" ألاخر فهو "الحیاة میدیا سنتر" الذی یستهدف أساسا غیر الناطقین بالعربیة، لا سیما المشاهدین الأصغر سنا، فطریقة إخراجه هی أقرب إلى معاییر البث العام من أی شیء أنتجه التطرف الإسلامی إلى الیوم... کما یقدّم برامج بعدة لغات – بصفة خاصة الألمانیة والإنکلیزیة والفرنسیة وبصیغ متعددة، من البرامج التی تدوم دقیقة واحدة، إلى البرامج المرتبطة بتویتر، مرورا بالأفلام الوثائقیة التی تدوم ساعة کاملة، على غرار "لهیب الحرب"، التی أُعلن عنها على طریقة أفلام هولیوود. و"لهیب الحرب" هو وثائقی (55 د.) یحکی أسطورة بطولة داعش من خلال تسجیلات رهیبة وسرد مثیر ومستمر.ویرکّز الفیلم على أحداث عسکریّة مفصلیّة خاضها التنظیم، بدءا من احتلال مطار منغ العسکری فی شمال سوریا، مرورا بمعارکه مع الأحزاب الکردیّة، وصولا إلى إعدام جنود سوریین من "الفرقة 17"، تم إجبارهم على حفر قبورهم، قبل قتلهم فوقها. ان هذه النماذج من الافلام والفیدیوهات التی تستخدمها "داعش" والتی یقر الخبراءبتقنیتها العالیة تعنی ان هذا التنظیم یدرک أهمیة ما یفعل للتأثیر على الرأی العام. وتعنی ان هناک متخصصین ومهندسین وفنانین،ولیس هواة أو مبتدئین ، یعملون معه ویشرفون على انتاج هذه الافلام... لم تکتف داعش ومن یؤیدها بتلک التقنیات للترویج لافکارها .بل عمد هؤلاءالى اصدار المطبوعات مثل مجلة (الخلافة) "دابق" التی صدرعددها الرابع فی شهر تشرین الاول /أوکتوبر ) باللغة الإنکلیزیة، للوصول إلى أکبر شریحة من «الجهاد فانز» فی أرجاء المعمورة...وهذا العدد من المجلة جاء بعنوان «الحملات الصلیبیة الفاشلة»، ویتضمن دفاعاً عن السبی والرقّ، إذ تقول المجلة إنه «ینبغی أن یتذکر الجمیع أن استعباد أسر الکفار وسبی نسائهم هما جانب راسخ من الشریعة الإسلامیة»، مضیفة «بعدما ألقینا القبض على النساء الأیزیدیات، أرسلنا خمسهن إلى سلطات التنظیم، والباقیات قمنا بتقسیمهن على المقاتلین الذین انتصروا فی معارک سنجار» فی العراق. وعن الرجال الذین أسرهم التنظیم من الأیزیدیین، زعمت المجلة أّنه تمّ تخییرهم ما بین اعتناق الإسلام أو القتل، إلى جانب احتجازهم وبیعهم کـ"عبید". وقد بدأ "داعش" فی نشر کتیب "إرشادی" بین أتباعه، لوضع قواعد استخدام مواقع التواصل الاجتماعی مثل «فایسبوک» و«تویتر»، مشدداً على عناصره، عدم «وضع معلومات وصفیة عن أنفسهم فی الحسابات المستخدمة". کما حرص التنظیم على إشعال البروباغاندا فی مواقع التواصل، لتشجیع الآخرین على الانضمام إلى صفوفه، عبر نشر صور تعرض أسلوب حیاة مقاتلیه، وصور رؤوس أعداء التنظیم المفصولة عن أجسادها... ویشدد الکتیب «الإرشادی» على «الداعشیین» عدم استخدام التطبیقات التی تکشف عن التوقیت وموقع إرسال الرسالة، واضعاً أسالیب یتفادون بها تلک البیانات والتطبیقات التی تسهل من مهمات الأجهزة الاستخباراتیة فی الغرب، فی حین منعت «جهادیین» آخرین من استخدام مواقع التواصل بشکل تام. فی السیاق نفسه نشرت "وکالة حمایة الدستور الألمانیة" عن مکتبها الإعلامی وثیقة جمعت فیها معلومات دقیقة حول طریقة ممارسة المتشددین الإسلامیین لما یسمونه “الدعوة”.إذ یعتمد هؤلاء أساسا على الإنترنت والوسائل الحدیثة للاتصال للإیقاع بالشباب، وهو ما یعرف بـ”التطرف التربوی”، والذی یتم عن طریقه استقطاب الشباب وتحویلهم إلى متطرفین فقط عبر الإنترنت، حیث تتوفر المادة الدعائیة وشبکات التواصل الاجتماعی على مدى 24 ساعة فی الیوم ومن دون تکلفة. وهذا ما اتضح بعد العملیة الإرهابیة التی تم فیها إطلاق الرصاص على جندیین أمیرکیین فی مطار فرانکفورت فی 2 مارس 2011، وظهر فیها أن الفاعلین تم استقطابهم إلى الجماعة السلفیة المتشددة الناشطة فی ألمانیا عن طریق الإنترنت... ولعل أهم مثال على ذلک هو قیام إحدى الناشطات الإسلامیات بتنزیل ما یزید عن 1000 فیدیو، والقیام بالمشارکة والتعلیق على منتدى للإسلامیین على شبکة الإنترنت، وکذلک قامت بجمع تبرعات بقیمة 3200 یورو من خلال الشبکة العنکبوتیة دعمت بها منظمات إرهابیة، من بینها القاعدة..."(3) ما تقدم یطرح الاسئلة حول کیفیة مواجهة هذا الاتجاه التکفیری الارهابی الذی عرف کیف یستفید من التقنیات المتاحة الیوم...خصوصا" ان الاعداد العسکری والضربات الجویة لن تکفی، بل یفترض الامر خطة مواجهة اعلامیة ایضا" لا تقل اهمیة عن الخطط العسکریة. خصوصا" وان مؤیدی "داعش" یسیطرون على تویتر منذ سنوات عدة .ویروجون لأفکارهم بحریة من دون محاولات ردع تذکر (4) وفی محاولة لمثل هذه المواجهة الاعلامیة، التقى مدراء شرکات الانترنت الامیرکیة فی لوکسمبورغ مع وزراء الداخلیة الاوروبیین .وتناول الاجتماع هذه القضیة عبر ثلاثة عناوین: کیفیة مکافحة استخدام الانترنت لمصلحة أفراد أو جماعات ارهابیة ،والادوات والتقنیات الممکن توفیرها لتحقیق ذلک،بالاضافة الى بحث تقدیم خطاب مضاد... "لمواجهة ایدیولوجیا التطرف التی تنشر على مدار الساعة...وهی الخطوة الاولى التی تمثل بدایة العملیة التی ستتواصل للمکافحة عبر الانترنت ..." ویعتبر المنسق الاوروبی لمکافحة الارهاب ان المسألة لیست سهلة وان هذا مشروع مشترک ولا یمکن للحکومة والشرکات النهوض به لوحدهما، بل یحتاج الى الشراکة بین القطاعین العام والخاص وبین المجتمع المدنی."(5) على صعید آخر اعتبر الخبیر فی مکافحة الارهاب "کلینت واتس" ان کبح جماح "داعش" واخواته لیس بهذه السهولة ،کما ان هذا النشاط على "السوشال میدیا" یسهم فی التصدی لهذه الجماعات...لأن مواقع التواصل نفسها یمکن ان تکون "مناجم ذهب" لجمع المعلومات حول شبکات القتال الاجنبیة ..وبما ان من الصعب الغاء کل الحسابات المتعلقة بداعش،واخواته على تویتر یحاول المحللون الامیرکیون استغلال الوجود الارهابی على السوشال میدیا لتعمیق فهم "دینامیات" هذه الجماعات" لعلهم یفلحون فی فعل شئ على الارض"...(6) لقد بات الفضاء المفتوح الیوم فی متناول جمیع الناس على اختلاف مستویاتهم الفکریة والثقافیة والمهنیة..وقد اعتبر هذا الامر انجازا" علمیا" وتقدما" غیر مسبوق فی تطویر شبکات الاتصال عبر العالم کله،وفی تطویر نشر المعلومات وتبادل الرأی...لکن هذا الانجاز انقلب على رأسه بعدما تحول استخدام هذا الفضاء وشبکاته المتعددة من اجل الترویج للعنف ولایدیولوجیا التطرف والتحریض على القتل، وبعدما نجحت التنظیمات الارهابیة فی استخدام هذه الوسائط بشکل ناجح أتاح لها تعزیز فرص جذب المزید من المؤیدین...فی حین لا تزال مشاریع المواجهة مع هذه التنظیمات فی بدایاتها. ان التعاون الدولی لمکافحة استخدام الانترنت من قبل الجماعات الارهابیة هو خطوة مهمة لکنها لن تکون کافیة بکل تأکید. وأذا صدقنا ما یقوله اعضاء التحالف الدولی من ان محاربة داعش یحتاج الى سنوات ،فهذا یفترض استراتیجیة مواجهة اعلامیة شاملة احد مکوناتها مواجهة تلک الشبکات و"السوشال میدیا" ...کما ان ما لا یقل اهمیة عن ذلک هو ممارسة الضغوط على بعض القنوات الفضائیة العربیة التی لاتزال تصف الارهابیین والتکفیریین المتشددین بأنهم "مقاتلین " تارة و"ثوار"تارة أخرى... وما یمکن ان یعنیه ذلک من تشویش على الرای العام فی نظرته الى تلک التنظیمات ...أما على المستوى الاستراتیجی الأبعد،فإن "المواجهة" یجب ان تکون مع التعلیم الدینی وتغییر مناهجه ،لأن ما ینشر على مواقع التواصل یستمد مضامینه من تلک المناهج.. وبهذا المعنى تصبح مواجهة التعصب الدینی التکفیری مواجهة شاملة وصعبة ،قد تختلف اولویاتها بین بلد وآخر.ای بین مواجهة أمنیة من جهة ومواجهة فکریة واعلامیة وفقهیة وسیاسیة...لأن ظاهرة التکفیر التی تحولت الى ظاهرة ارهاب وقتل لیست نتاج عامل واحد فقط اجتماعی او نفسی او ثقافی،أو اعلامی..بل هی نتاج ذلک کله.
د. طلال عتریسی/استاذ علم الاجتماع، وعمید المعهد العالی للدکتوراة فی الجامعة اللبنانیة.. ............................................................. هوامش: (1) Gilles Keppel: القاعدة هی ابن الانترنت والجزیرة،وداعش هی ابن تویتر والفیسبوک والیوتیوب،le Figaro.fr 10L10L2014 (2) جریدة الاخبار 16/9/2014 (3) (جریدة العرب 26/05/2014 ) (4) الاخبار 16/9/2014 (5) السفیر،10/10/2014 (6) الاخبار 16/9/2014 | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,737 |
||