اعلان یوم القدس العالمی و الشارع الاسلامی والعربی | ||
أحدث انتصار الثورة الإسلامیة هزة سیاسیة اجتماعیة وفکریة غیرت المعادلات الدولیة والتوازنات الاستراتیجیة فی فی العالم الذی تحکمه کتلتان الشرقیة والغربیة, لقد جاء هذا الانتصار بمنافس جدید لهما. حمل فکرا ثوریا إسلامیا شکل خطراً على مصالحهما ونفوذهما ظهرت معه متغیرات جدیدة بإطلاق الامام الخمینی (قدس) لیوم القدس العالمی فی آخر جمعة من شهر رمضان. ترى ما الذی تحقق من اعلان یوم القدس العالمی فی الشارع الاسلامی والعربی ؟ وما هی التغیرات التی طرأت على اوضاع الجماهیر الاسلامیة والعربیة.؟ بدایة لا بد من الاشارة الی أن الامام الخمینی (قدس) بدعوته هذه وضع القدس فی إطار نموذجها الکلی الشمولی وغایاتها المعرفیة، مما قدم الوعی المستنیر والفهم الواضح لها، وجاءت خطاب لدعوة الآخر إلى مراجعة أطروحاته من سائر النماذج الثقافیة الأخرى فی العالم . إذ قدم رؤیة جدیدة للقدس تنطلق من الإطار المعرفی الإسلامی بعد تحدید الإشکالیات المثارة. ووضعها داخل إطارها الدینی والتاریخی والإنسانی لتصویب مسارها .وخلق مضامین جدیدة و معانی مستحدثة والفاظ ثابتة لا تقبل التغییر و ان مرت علیها السنین. ومن هذه الشعارات.
یوم القدس: یوم احیاء الاسلام إن إطلاق یوم القدس فی الجمعة الأخیرة من شهر رمضان هو دعوة إلى العودة إلى الاسلام وما یتضمنه من رؤیة للکون ومسالک التفاعل الاجتماعی وجعل القدس محوراً أساسیاً لوحدة الأمة ونبذ الخلافات . لما لها من مکانة سامیة فی الاسلام . والأدیان السماویة وهی الأمل والمستقبل الموعود والمحتم لدولة العدالة وظهور الامام المهدی (عج) والمسیح (ع).
یوم القدس یوم المستضعفین إن هذا الشعار یتضمن الهویة الأنسانیة وبما تحتویه من مضامین القیم ومحاربة الظلم ونصرة المظلوم بعیدا عن الهویة والانتماء، وفهو یحمل هموم جمیع المستضعفین لیعلن عن رفع الآلام عنهم. فالصراع على القدس هو صراع بین هویتها بکل ما تحمله من معان وقیم واهداف، وبین الهویة الصهیونیة بکل ما تحمله من نظرة فوقیة ونزعه للسیطرة وإلغاء للاخر . فالعالم یعیش حالة تحت نیر التسلط الأستکباری ویفرض ثقافته وقوته على الآخر،من ضمنها العالم الاسلامی حیث زرع فیه حالة القهر وحالة الاستلاب، العام لها سواء کان اقتصادیا أو عقائدیا،وهو دعوة لاعادة الثقة للأمة وتسخیر طاقاتها لیتم تحریرها من السیطرة الاستعماریة والتبعیة و تنحیة کل المشاریع والطروحات الاستسلامیة مهما تغیرت وتبدلت أسماؤها.
"یا قدس إننا قادمون" جاء یوم القدس لیحمل فی طیاته دعوة لتحقیق التکامل بین الجهاد والمقاومة من جهة وبین أفکار الإصلاح والحداثة والتطور، بنشر ثقافة الاستعداد للتضحیة والمبادرة إلى العمل والفاعلیة والإبداع. مقابل براثن الأنظمة التی حولت بلادنا إلى مصانع للاستبداد وانتهاک الحقوق ومصادرة الحریات. خاصة وأن الامام الخمینی أعلن عن بدایة التاریخ الذی یصنعه الشعوب لا الحکام، وانطلقت بذلک نماذج من منظومة القیمیة والأخلاقیة الاسلامیة المعاصرة أثبتت على قدرة الشعوب فی عملیة التغییر تجسدت فی الشارع الاسلامی من خلال: شهدت ایران یوم الاثنین26/3/1979 تظاهرات عارمة،بعد أن أصدر قائد الثورة الإسلامیة الإمام الخمینی بیاناً استنکر فیه عقد مصر للاتفاقیة السلام . وکان رجال ا لثورة یلبسون الکوفیة الفلسطینیة تضامناً مع الشعب الفلسطینی کما احتل المتظاهرون السفارة المصریة لعدة ساعات استنکاراً للمواقف الخیانیة للزعامة المصریة وتم إغلاق السفارة الاسرائیلیة . وکانت هذه المرة الأولى التی یخرج بها الاهتمام بالقضیة الفلسطینیة من الإطار العربی إلى الاسلامی . کما کان لتشکیل لواء القدس وجیش العشرین ملیون لتحریرها استجابة واسعة من الشعب الایرانی لهذا النداء. وهذا الأمر ساهم بنهضة شعبیة ظهرت تباشیرها مع المقاومة الاسلامیة فی لبنان،حیث انطلقت وشعارها "یا قدس إننا قادمون" والتی عززت ثقافة الصمود والمقاومة وهزیمة المحتل، وبعدها الانتفاضة فی فلسطین. وبذلک نقل القرار السیاسی من ید الحکام إلى الشعوب لتکون صاحبة القرار بعد فشل الحکومات بتحقیق طموحات الأمة من وحدة وتحرر,وإنزال هزائم ونکبات بالعدو. ونقل قرار المواجهة مع الکیان الصهیونی إلى الجماهیر المسلمة من أیدی الحکومات. وتطورت عملیة التفاعل الشبابی استجابة للأحداث التی تمیزت بالسرعة والشمولیة حاملة معها أخطارا رهیبة على وجودنا،واستخدمت أسالیب جدیدة من خلال من فتح جبهات ثقافیة وسیاسیة وإعلامیة تتمیز بالمرونة والتکییف، وأیجاد أطر وحدود عریضة وإنشاء کیانات ثقافیة متخصصة (بالقدس) من مؤسسات، وجمعیات وأندیة، وبذلک نشأ مجتمع مدنی (مقدسی) أخذ مکانا فی الحرب الثقافیة التی تشنها الإدارة الأمریکیة وحلفاؤها على أمتنا، وتم ربط حرکة الجماهیر بالأحداث باستمرار لرص الصفوف وشحذ الهمم واستثمار الطاقات والإمکانات. ومن الممکن القول أن یوم القدس منح فرصة کبیرة لترشید الشعوب إلى القیام بعملیة تغییر حقیقیة ظهرت ملامحها فی الوقت الراهن فی الثورات والتی من أهدافها رفض الارتباط بالکیان الصهیونی. هذه الثورات التی انطلقت فی معظمها أیام
الجمعة من المساجد . وکان من أهم انجازاتها فتح معبر رفح ، والعمل على قطع أنابیب عن العدو الصهیونی، وتنظیم مئات المسیرات السلمیة التی توجه بها الشباب الفلسطینی فی مارون الراس على الحدود اللبنانیة ، والحدود السوریة نحو الجولان المحتل إلا هی دلیل واضح على أن قرار استعادة القدس بید الشعوب. رئیسة جمعیة نساء من أجل القدس
د. راغدة محمد المصری | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,596 |
||