سؤال القدس فی الثورات العربیة | ||
تزامن سقوط الرئیس المصری حسنی مبارک واعلان تنحیه عن السلطة مع الیوم الذی انتصرت فیه الثورة الاسلامیة فی ایران،فی الحادی عشر من شهر شباط / فبرایر.فربط البعض بین هذا السقوط وبین نداء الامام الخمینی الى الشعب المصری الذی دعاه فیه الى النهوض حتى لا یستمر التحکم به وظلمه ثلاین عاما".وهی تماما" المدة التی قضاها الرئیس مبارک فی الحکم قبل ان یضطر الى التنحی قسرا" عن السلطة. لم تکن المصادفة وحدها هی التی تفسر ما حصل فی مصر . فالثورة الاسلامیة فی ایران ساهمت خلال العقود الماضیة من خلال سیاساتها المعادیة للکیان الصهیونی ،ودعمها لحرکات المقاومة فی لبنان وفلسطین فی اشاعة مناخ من القدرة على الصمود وعلى تحقیق الانتصارات...کان الوجه البارز لایران فی المنطقة طوال السنوات الماضیة هو هذا الوجه المعادی للسیاسات الامیرکیة والاسرائیلیة.وقد دفع الامام الخمینی من خلال اعلانه آخر یوم جمعة من شهر رمضان المبارک یوما" للقدس بتلک المواجهة مع "اسرائیل" الى کل العالم الاسلامی من خلال الربط بین احیاء الشهر المبارک وبین التذکیر بالحق فی استعادة القدس من الاحتلال الصهیونی. کان الخلاف بین ایران وبین دول اخرى کثیرة فی المنطقة یقوم على التباین بین "الاعتدال" و"الممانعة". فقد کان هناک رؤساء فی دول مثل مصر وتونس والمملکة السعودیة والاردن... یعتبرون أنفسهم فی محور الاعتدال الذی یفترض القبول بالتسویة السلمیة وبالتفاوض مع اسرائیل .فی حین کانت ایران فی المعسکر المقابل الذی یضم سوریا وحرکات المقاومة فی لبنان وفلسطین .هذا المعسکر کان یرفض تقدیم التنازلات الى اسرائیل،ویرفض التخلی عن القدس،ویعتبر ان المقاومة هی السبیل لارغام هذا العدو على التراجع، وعلى الانسحاب من الاراضی التی احتلها فی لبنان او فی فلسطین ...لذلک عندما نجحت الثورات العربیة فی اسقاط النظامین فی تونس وفی مصر ،طرحت الاسئلة مباشرة حول مستقبل الأنظمة الجدیدة وحول سیاساتها الداخلیة والخارجیة خصوصا" تجاه قضیة الصراع مع العدو الصهیونی،وتجاه قضیة القدس،واللاجئین الفلسطینیین الى قضیة المقاومة فی لبنان وفلسطین... تعرضت الثورات لاسئلة کثیرة ایضا".منها ما یتعلق بالتسمیة نفسها:هل هی ثورات شاملة أم عملیات انقلاب قام بها الجیش لمنع الثورة من تحقیق اهدافها؟ أم هی مجرد حرکة تغییر محدودة الاهداف لن تغیر الکثیر فی علاقات الدول والانظمة الجدیدة بمحیطها الاقلیمی وخصوصا" فی مسألة الاتفاقیات مع اسرائیل مثل اتفاقیة کامب دیفید؟ لم تکن الثورات متشابهة فی الدول العربیة سواء التی حققت هدف اسقاط رأس النظام مثل تونس ومصر أو تلک التی لا تزال تعیش مرحلة معقدة مثل الیمن او لیبیا او البحرین.أو حتى سوریا التی تشهد تدخلا"خارجیا" قویا" فی احداثها الداخلیة. .کما یختلف حجم الاهتمام الاقلیمی والدولی بنتائج تلک الثورات وفقا" لموقع هذه الدولة او تلک ودورها فی قضیة الصراع المرکزیة فی المنطقة :ای الصراع مع اسرائیل.بحیث یمکن القول ان الولایات المتحدة ومن خلفها الغرب عموما" لن یحفلوا کثیرا" اذا تحققت بعض نسائم الدیمقراطیة وحصل الشعب على المزید من الحریات.أو اذا تکاثرت الاحزاب السیاسیة وتنافست فی الانتخابات النیابیة...فما یهم واشنطن فی الشرق الاوسط هو أمن اسرائیل بالدرجة الاولى بالاضافة الى أمن النفط. وهذا ما یتکرر دائما" على ألسنة المسؤولین الامیرکیین من دیمقراطیین وجمهوریین. لذا ان أکثر ما یقلق واشنطن لیس التحولات المرتقبة فی الداخل المصری على سبیل المثال. بل ما اذا کانت القوى الجدیدة ستلتزم اتفاقیات کامب دیفید مع "اسرائیل".وما اذا کانت هذه القوى ستقف الى جانب محور الاعتدال أو خط التسویة والمصالحة مع اسرائیل ودعم التفاوض ،ام انها ستقف جانبا" وتنشغل بقضایاها الاقتصادیة والسیاسیة والامنیة ،ام انها قد تنتقل الى الموقع المقابل،ای الى المحور المؤید للمقاومة... هکذا یرقب الجمیع فی الاوساط السیاسیة والاستراتیجیة المختلفة ما ستکون علیه السیاسات الاقلیمیة للحکومات الجدیدة بعد الثورات العربیة... ربما لم یتوقع احد ان تمتد الثورة بهذه السرعة،وفی بضعة اشهر، الى بلدان عربیة عدة من تونس ومصر الى لیبیا والیمن والبحرین... کان السخط الشعبی قد تراکم لسنوات طویلة،هی سنوات الحاکم المستبد الذی أفقر الشعب واحتکر السلطات بیده وبید افراد عائلته ،وراکم ثروات بملیارات الدولارت فی الوقت الذی کان الشعب یزداد فقرا" وجوعا". لقد اطلقت تسمیات عدة على ما حصل .قیل انه "الزلزال"،وانها الثورات التی ستغیر وجه البلدان العربیة الى عقود قادمة،وأنها"ربیع العرب" بحسب الاعلام الغربی قیاسا" الى ربیع اوروبا فی عام 1989 عندما هدم الألمان جدار برلین الذی کان مقدمة لسقوط الاتحاد السوفیاتی نفسه.لتبدأ بعد ذلک مرحلة جدیدة فی العالم کله هی مرحلة التفرد الامیرکی والنظام العالمی الجدید الذی خلا من التنافس الامیرکی- السوفیاتی.ومن المؤکد ان "الثورات" التی تجتاح البلدان العربیة ستؤدی بدورها الى تغییرات استراتیجیة فی داخل کل دولة وفی علاقاتها الاقلیمیة والدولیة ،بحیث یمکن ان نشهد واقعا" عربیا" واقلیمیا" لم نعرفه منذ عقود الى الیوم. بدأت الاحتجاجات السیاسیة فی مصر مع الانتفاضة الفلسطینیة الثانیة عام 2000 ،لکنها سرعان ما انتقلت الى قضایا الداخل ..فتدحرجت کرة الثلج الاحتجاجیة... بحیث انتشرت ثقافة الاحتجاج فی المجتمع المصری رأسیا" وأفقیا"... لقد خرج المصریون محتجین على سیاسات النظام تجاه قضایا داخلیة او خارجیة مثل الحرب على غزة عام 2008-2009 او الحرب الاسرائیلیة على لبنان عام 2006 ...أو المشارکة مع اسرائیل فی حصار قطاع غزة من خلال معبر رفح...وهذا الاحتجاج هو تعبیر عن رفض الشعب المصری لسیاسة رئیسه وحکومته تجاه اسرائیل.وقد نقلت وسائل الاعلام العالمیة کیف خرج عشرات الالاف فی المدن المصریة یرفعون اعلام المقاومة فی لبنان وصور السید نصر الله إبان الحرب الاسرائیلیة على لبنان فی تموز/یونیو2006. مثل ما خرجوا ایضا"اثناء العدوان على غزة فی 2008-2009... کما خرج ایضا" مواطنون فی بلدان عربیة أخرى یرفعون مطالب متشابهة من قضایا داخلیة او خارجیة، فی البحرین او لیبیا او الیمن ... ربما تختلف التجربة المصریة عن البلدان الاخرى فی تونس او الیمن او لیبیا ..بسبب موقع مصر ودورها التاریخی فی الصراع مع اسرائیل وبسبب الاتفاقیات التی تربطها مع هذا الکیان.لذا کان هذا البعد فی الصراع یحتل على الدوام موقعا" مؤثرا" فی حرکة الاحتجاجات على النظام وعلى سیاساته الداخلیة و الخارجیة... ومن المعلوم ان مصر تولت بموافقة امیرکیة وغربیة الملف الفلسطینی . والمقصود بهذا الملف متابعة عملیة التفاوض الاسرائیلیة الفلسطینیة. وقد مارست القیادة المصریة الضغوط الشدیدة على حرکة المقاومة الاسلامیة حماس لارغامها على توقیع المصالحة مع قیادة السلطة الفلسطینیة، من دون ان تتمکن من ذلک بسبب رفض حماس الانصیاع لتلک الضغوط.کما شارکت مصر الدول الغربیة الحصار على هذه الحرکة بعد فوزها فی الانتخابات التشریعیة قبل بضعة اعوام...لذا لم یکن الوجه الداخلی هو الوجه الوحید للاحتجاج على هذه الحکومات العربیة. کان الوجه الاقلیمی خصوصا" ما یتصل بالصراع مع اسرائیل وبالقضیة الفلسطینیة هو الوجه الآخر لهذا الاحتجاج على تلک الانظمة. إن هذه "الثورات" التی نجحت فی إسقاط رئیسین، وهددت الثالث فی لیبیا والرابع فی الیمن ... هل هی کما یفترض البعض من تدبیر الولایات المتحدة التی ارادت التخلص من الحکام الذین باتوا عبئا" علیها وعلى شعوبهم؟ لا تلحظ هذه الفرضیة التی فسر بها البعض "الثورات الأخیرة" فی بعض البلدان العربیة التراجعات التی شهدتها قدرة واشنطن خصوصا" منذ العقد الماضی.وهو تراجع یعترف به الامیرکیون فی المواقع المختلفة من صناع القرار الى مراکز الابحاث ومؤسسات التفکیر الى الباحثین والمحللین. حتى ذهب بعض هؤلاء الى نعی الهیمنة الامیرکیة على العالم التی لم تستمر سوی عقدین من الزمن بعد انهیار الاتحاد السوفیاتی.وقد لا یحتاج المرء الى الکثیر من الأدلة على هذا التراجع.إذ تکفی الاشارة الى ما اصاب القوات الامیرکیة فی العراق والفشل الذی منی به المشروع الامیرکی (الشرق الاوسط الجدید). والعجز الامیرکی عن السیطرة على افغانستان ، أو حتى القضاء على حرکة طالبان. وکذلک عجز واشنطن عن وقف البرنامج النووی الایرانی على الرغم من العقوبات الدولیة المتکررة على طهران. وفشل اسرائیل فی القضاء على حزب الله عام 2006 بعد الحرب التی شنتها علیه بإیعاز وتشجیع امیرکی مباشرین. کما فشلت فی القضاء على حرکة حماس بعد الحرب على غزة فی نهایة عام 2008 ومطلع عام 2009.ولم تقدر واشنطن فی السنوات الماضیة لا على عزل سوریا ولا على زعزعة نظامها.بل عادت سوریا أکثر قوة الى الساحة الاقلیمیة ،واستعادت نفوذها وتأثیرها فی لبنان ...حتى الرئیس الامیرکی نفسه قال فی أکثر من مناسبة خصوصا" بعد الأزمة المالیة الامیرکیة ان الولایات المتحدة لم یعد بمقدورها ان تدیر العالم لوحدها وانها باتت تحتاج الى تعاون الآخرین معها.ما یعنی على المستوى الاستراتیجی ان قدرة الولایات المتحدة لم تعد کما کانت لا فی صناعة الرؤساء ولا فی الاحتفاظ بهم.والأمثلة على ذلک لا تقتصر على الشرق الأوسط بل یمکن ملاحظتها ایضا" فی أماکن أخرى فی العالم.ومن المعلوم ان ایران کانت من اهم الدول فی الشرق الاوسط التی لعبت دورا" اساسا" فی تراجع هذه الیهمنة الامیرکیة والاسرائیلیة . فمنذ انتصار الثورة کان الالتزام الواضح بالقضیة الفلسطینیة فی الوقت الذی کانت فیه مصر کبرى الدول العربیة وأهمها قد وقت اتفاقیات کامب دیفید التی تنهی الحرب مع اسرائیل وتعترف بوجودها وبکیانها.ولم یقتصر هذا الالتزام على دعوة الامام الخمینی الى احیاء یوم القدس فی آخر جمعة من شهر رمضان المبارک کما اشرنا.بل کان الالتزام فی دعم حرکات المقاومة عملیا" وفی المواجهة السیاسیة والدیبلوماسیة فی المحافل الدولیة للسیاسات والمشاریع الامیرکیة والاسرائیلیة ضد الشعب الفلسطینی.ومن العلوم ان ایران واجهت الحصار والعقوبات والتهدید بالحرب بسبب هذه المواقف المبدئیة من القضیة الفلسطینیة ومن الکیان الاسرائیلی غیر الشرعی.ولذا شعرت اسرائیل بالخسارة الکبیرة بعد سقوط نظام مبارک فی حین اعتبرت ایران ان هذا السقوط هو فی مصلحة الشعوب وفی مصلحة خط المواجهة مع الولایات المتحدة فی المنطقة والعالم.هکذا ینصح المحلل الاسرائیلی العسکری "رون بن یشای" اسرائیل قائلا":" لا تظنوا ان مصر القدیمة فی عهد مبارک سوف تعود ثانیة ،وعلیکم ان تستعدوا لمصر جدیدة...غیر محبة لاسرائیل".فی حین یرى السفیر الاسرائیلی السابق فی مصر "تسیبی مازل":"ان اسرائیل بعد انهیار نظام مبارک باتت فی أزمة استراتیجیة واسعة النطاق.إذ بقیت وحیدة...ولن نجد احدا" بعد مبارک یقود مصر بصورة طبیعیة براغماتیة مرة أخرى... لا یعنی تراخی القبضة الامیرکیة ان واشنطن ستقف لتتفرج على انهیار حلفائها. بل ستعمل جاهدة لاستیعاب ما جرى فی اطار استراتیجیة "الحد من الخسائر". وهذا ما تقوم به الیوم فی البلدان التی شهدت الثورات خصوصا" فی مصر وتونس.کما تعمل مع حلفائها على شن هجوم مضاد على سوریا حلیف ایران لتعویض الخسائر التی منیت بها مع اسرائیل بعد سقوط نظام مبارک .وما یهم الولایات المتحدة کما اشرنا أن تعمل بعد الاطاحة بالرئیس على المحافظة على طبیعة النظام نفسه. ای توجهاته اللیبرالیة الاقتصادیة، وعلاقاته الاقلیمیة وتحالفاته الدولیة، خصوصا" ما یتعلق منها بأمن اسرائیل(مع مصر) وأمن النفط (مع لیبیا) ودول الخلیج الأخرى...الى حرص واشنطن على العمل وفق استراتیجیتین :الأولى منع الاسلامیین من الاقتراب من النظام أو السیطرة علیه،لأنها لا ترید ان تشهد تجربة ایران ثانیة فی المنطقة.والثانیة الاقتراب من الاسلامیین والتفاوض معهم ،لأن بعض دوائر القرار فی الغرب تفکر فی استنساخ تجربة ترکیا فی البلاد العربیة :ای ان یحکم الاسلامیون ولکن بعد قبولهم المسار الدیمقراطی ونبذ العنف والتعاون مع الغرب من دون ای مواجهة مع اسرائیل. وهذا هو المقصود بنموذج الاسلام-الترکی. وفی اطار هذا الاحتواء یمکن تفسیر هجوم قوات درع الجزیرة على المحتجین فی البحرین لمنع شرارة الثورة من الاقتراب من دول الخلیج ومن المملکة السعودیة تحدیدا".وهو مثابة تعویض عن خسارة مبارک وبن علی التی لحقت بکل من واشنطن والریاض،بحیث بات من المستحیل القبول باقتراب التغییر الى هذا الحد (البحرین) من "البیت السعودی" ومن المصالح الامیرکیة.وفی هذا الاطار نفسه یمکن ان نفسر الهجوم الدولی على سوریا لإرغام نظامها على تغییر سیاساته الاقلیمیة تجاه ایران وتجاه اسرائیل وحرکات المقاومة.ان الهجوم على سوریا على الرغم من الحاجة الى الاصلاح التی یعترف بها الجمیع النظام والمعارضة معا" ،هو هجوم على الموقف السوری من قضیة القدس وفلسطین ومن المقاومة.ولذا یرید ما یسمى "المجتمع الدولی" من سوریا ان تبتعد عن ایران. ای ان تترک هذا المحور لکی یفعل المحور المقابل ما یراه مناسبا" من تحقیق التسویة السلمیة التی تفترض الاعتراف بحق اسرائیل فی الاراضی الفلسطینیة وفی القدس نفسها... لقد شکلت مصر فی عهد الرئیس حسنی مبارک الى جانب المملکة السعودیة أحد أهم ارکان السیاسة الامیرکیة فی المنطقة.کما کانت القیادة المصریة داعما"اساسیا" لحلفاء واشنطن فی لبنان وفی فلسطین إضافة الى موقف مصر المعروف من تأیید السلطة الفلسطینیة ضد حرکة حماس،الى تأیید التفاوض مع اسرائیل ...واذا کانت الولایات المتحدة ستحاول استیعاب ما حصل من تغییر فی مصر واحتواءه ،فإن أکثر ما یهمها ویقلقها من هذا التغییر هو طبیعة دور مصر الاقلیمی،ولیس التغییرات الداخلیة مثل تعدیل القوانین او المزید من الحریات ....لکن التحولات التی تشهدها مصر ومسار التغییر الذی تمر به یعنی أن عودتها الى دورها الاقلیمی،لن یکون بمثل تلک السهولة التی یظنها البعض.أی ان تعود مصر الى دورها السابق قبل کامب دیفید فی قیادة المنطقة العربیة وفی تصدر الواقع الاقلیمی على غرار المرحلة الناصریة. - إن الشرط الأول لمثل هذه العودة ان تتخلى القیادة المصریة الجدیدة عن کامب دیفید. وهذا الشرط یبدو مستبعدا" فی المدى المتوسط ،فی ظل طبیعة القوى التی تقود عملیة التغییر فی مصر.وفی ظل سیطرة المجلس العسکری على السلطة. (وقد أکد وزیر الخارجیة المصری نبیل العربی فی 22/4/2011 ان علاقات مصر ستکون عادیة مع اسرائیل مثل علاقاتها مع باقی دول المنطقة"). - إن مصر لن تعود الى واقع اقلیمی ینتظر من سیملأ الفراغ فیه.أی ان الأمر لا یشبه ابدا" الفراغ الاستراتیجی الذی حصل بعد سقوط العراق وملأته ایران بعد الاحتلال الامیرکی.فقد غابت مصر عن دورها القیادی نحو ثلاثین عاما". فی هذه الأثناء أصبحت ایران بعد الثورة قوة اقلیمیة لا یمکن تجاهلها، وأصبحت ترکیا لاعبا" بارزا" فی هذا المشهد الاقلیمی. وینبغی ان نضیف ایضا" سوریا ودورها وعلاقاتها مع کل من ایران وترکیا لتکتمل صورة هذا المشهد الذی تشکل فی غیاب الدور المصری الذی ذهب إقلیمیا" مع المملکة السعودیة والاردن باتجاه التماهی مع السیاسات الامیرکیة. - ان سقوط نظام الرئیس مبارک یعنی على صعید إقلیمی آخر ان ما کان یطلق علیه "محور الاعتدال" او الدول العربیة المعتدلة قد ترنح .فالمملکة السعودیة الضلع الآخر المهم فی هذا المحور مشغولة وقلقة بدورها مما یجری حولها ومما یجری فی داخلها... لذا ان محور الاعتدال الذی فقد احد ارکانه لم یعد بمقدور باقی اطرافه العودة الى السیاسات القدیمة نفسها من التماهی مع واشنطن او من التضییق على الحرکات المناوئة للسیاسات الامیرکیة،او من حصار الفلسطینیین سیاسیا" أو عبر جدار فاصل فی غزة أو فی معبر رفح... ان احیاء یوم القدس بعد الثورات وبعد سقوط الرؤساء المدافعین عن اسرائیل هو بلا شک غیره قبل سقوط تلک الانظمة وقبل اندلاع تلک الثورات...
د.طلال عتریسی
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 4,623 |
||